رسوم ترمب تهز العالم- مقامرة جريئة أم كارثة اقتصادية؟

المؤلف: حمود أبو طالب09.26.2025
رسوم ترمب تهز العالم- مقامرة جريئة أم كارثة اقتصادية؟

باختصار شديد، أحدث الرئيس ترمب هزة عنيفة في أرجاء المعمورة، ثم انطلق إلى ملاذه في فلوريدا، لينعم بالراحة ويمارس هوايته في ضرب كرات الجولف، دون أن يكترث لامتعاض وشكوى دول العالم بأسره، سواء كانت قوية أو ضعيفة، قريبة أو بعيدة، صديقة أو غير صديقة. ويُشاع أن الرسوم طالت حتى جزيرة منعزلة لا يسكنها سوى حفنة من طيور البطريق، لكن هذا لا يمثل أهمية في فلسفة ترمب، فكل الكائنات الحية على سطح هذا الكوكب يجب أن تخضع لأوامره، بشكل مباشر أو غير مباشر.

لقد تصور الكثيرون، من سياسيين واقتصاديين وخبراء ومحللين، أن ترمب لن يُقدم على تنفيذ فكرة فرض الرسوم على الجميع، وذلك لإيمانهم الراسخ بأن تداعياتها ستكون وخيمة حتى على الولايات المتحدة نفسها. بيد أن ترمب أجابهم بأن المريض لا بد أن يتجرع الدواء، حتى وإن كان مذاقه مُراً. وهنا يكمن الاختلاف الجوهري في وجهات النظر، فالآخرون يصفون ما يعتزم ترمب فعله بأنه المرض الذي سيفتك باقتصادات العالم، بينما يؤكد ترمب بأنه الدواء الشافي للاقتصاد الأمريكي، وليذهب العالم إلى الجحيم إذا لم ينتعش اقتصاده، وكأنه يتبنى مقولة «إذا متُّ عطشاً فلا هطل المطر».

وما أن أزفت لحظة تطبيق الدفعة الأولى من الرسوم الترمبية، حتى ارتفعت أصوات التذمر والاستياء من مشارق الأرض ومغاربها. نزيف حاد لطخ كل المؤشرات باللون القرمزي الداكن، وانهيارات مروعة عصفت بأسواق المال، ودفعت بعض البورصات إلى الاقتراب من قاع سحيق. ولم يكن شارع المال الأشهر في العالم، «وول ستريت» في مدينة نيويورك، بمنأى عن هذه التطورات، لكن ترمب ووزير التجارة أعلنا أن ذلك أمر طبيعي ومقبول، وأن سوق المال الأمريكي سيتأقلم مع هذه المستجدات وسيبدأ في التعافي تدريجياً.

إن ترمب يرغب في أن تكون أمريكا قوة اقتصادية عظمى، وتملي عليه قناعته أنه من غير المقبول أن يمتلك الآخرون الثروات بينما أمريكا ليست كذلك. لقد صرح بهذا الكلام منذ زمن بعيد، قبل أن يخوض غمار السياسة، وشعاره (MAGA) يجسد عودة أمريكا إلى عظمتها الاقتصادية، ولا شيء غير ذلك، وبأي طريقة ممكنة. ولكن هل ستكون النتائج مطابقة للتوقعات والآمال؟ هو يزعم أنه يريد من خلال ذلك إجبار الدول على التفاوض معه للتوصل إلى تسويات مرضية، وقد أكدت إدارته قبل يومين أن خمسين دولة أبدت رغبتها في الدخول في مفاوضات. ولكن هل سيتحقق له ما يصبو إليه، وبالصورة التي يحاول فرضها قسراً على دول العالم؟ إننا أمام مقامر مندفع وجسور إلى أقصى الحدود، وفي عالم المقامرة، هناك دائماً احتمال للخسارة. فما الذي ستسفر عنه الأيام المقبلة نتيجة لهذه الهزة العنيفة؟ فلننتظر ونترقب.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة